رغد "أنت لي" 
________________________________________
الجزء الأول
مخلوقة اقتحمت حياتي ! 
توفي عمي و زوجته في حادث مؤسف قبل شهرين ، و تركا طفلتهما الوحيدة ( رغد ) و التي تقترب من الثالثة من عمرها ... لتعيش يتيمة مدى الحياة . 
في البداية ، بقيت الصغيرة في بيت خالتها لترعاها ، و لكن ، و نظرا لظروف خالتها العائلية ، اتفق الجميع على أن يضمها والدي إلينا و يتولى رعايتها 
من الآن فصاعدا . 
أنا و أخوتي لا نزال صغارا ، و لأنني أكبرهم سنا فقد تحولت فجأة إلى 
( رجل راشد و مسؤول ) بعد حضور رغد إلى بيتنا . 
كنا ننتظر عودة أبي بالصغيرة ، (سامر) و ( دانة ) كانا في قمة السعادة لأن عضو جديد سينضم إليهما و يشاركهما اللعب ! 
أما والدتي فكانت متوترة و قلقة 
أنا لم يعن لي الأمر الكثير 
أو هكذا كنت أظن ! 
وصل أبي أخيرا .. 
قبل أن يدخل الغرفة حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد ! 
سامر و دانة قفزا فرحا و ذهبا نحو الباب راكضين 
" بابا بابا ... أخيرا ! " 
قالت دانه و هي تقفز نحو أبي ، و الذي كان يحمل رغد على ذراعه و يحاول تهدئتها لكن رغد عندما رأتنا ازدادت صرخاتها و دوت المنزل بصوتها الحاد ! 
تنهدت و قلت في نفسي: 
" أوه ! ها قد بدأنا ! " 
أخذت أمي الصغيرة و جعلت تداعبها و تقدم إليها الحلوى علها تسكت ! 
في الواقع ، لقد قضينا وقتا عصيبا و مزعجا مع هذه الصغيرة ذلك اليوم . 
" أين ستنام الطفلة ؟ " 
سأل والدي والدتي مساء ذلك اليوم . 
" مع سامر و دانه في غرفتهما ! " 
دانه قفزت فرحا لهذا الأمر ، ألا أن أبي قال : 
" لا يمكن يا أم وليد ! دعينا نبقيها معنا بضع ليال إلى أن تعتاد أجواء المنزل، أخشى أن تستيقظ ليلا و تفزع و نحن بعيدان عنها ! " 
و يبدو أن أمي استساغت الفكرة ، فقالت : 
" معك حق ، إذن دعنا ننقل السرير إلى غرفتنا " 
ثم التفتت إلي : 
" وليد ،انقل سرير رغد إلى غرفتنا " 
اعترض والدي : 
" سأنقله أنا ، إنه ثقيل ! " 
قالت أمي : 
" لكن وليد رجل قوي ! إنه من وضعه في غرفة الصغيرين على أية حال ! " 
(( رجل قوي )) هو وصف يعجبني كثيرا ! 
أمي أصبحت تعتبرني رجلا و أنا في الحادية عشرة من عمري ! هذا رائع ! 
قمت بكل زهو و ذهبت إلى غرفة شقيقي و نقلت السرير الصغير إلى غرفة والدي . 
عندما عدت إلى حيث كان البقية يجلسون ، وجدت الصغيرة نائمة بسلام ! 
لابد أنها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ و البكاء التي عاشتها هذا اليوم ! 
أنا أيضا أحسست بالتعب، و لذلك أويت إلى فراشي باكرا . 
~~~~~~~~~ 
نهضت في ساعة مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفة من حدته ! 
إنها رغد المزعجة 
خرجت من غرفتي متذمرا ، و ذهبت إلى المطبخ المنبعثة منه صرخات ابنة عمي هذه 
" أمي ! أسكتي هذه المخلوقة فأنا أريد أنا أنام ! " 
تأوهت أمي و قالت بضيق : 
" أو تظنني لا أحاول ذلك ! إنها فتاة صعبة جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين أو ثلاث والدك ذهب للعمل دون نوم ! " 
كانت رغد تصرخ و تصرخ بلا توقف . 
حاولت أن أداعبها قليلا و أسألها : 
" ماذا تريدين يا صغيرتي ؟ " 
لم تجب ! 
حاولت أن أحملها و أهزها ... فهاجمتني بأظافرها الحادة ! 
و أخيرا أحضرت إليها بعض ألعاب دانه فرمتني بها ! 
إنها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما ؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت ! 
في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشأنها . 
" إن استمرت بهذه الحال يا أبا وليد فسوف تمرض ! ماذا يمكنني أن أفعل من أجلها ؟ " 
" صبرا يا أم وليد ، حتى تألف العيش بيننا " 
قاطعتهما قائلا : 
" و لماذا لا تعيدها إلى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذلك ! " 
أزعجت جملتي هذه والدي فقال : 
" كلا يا وليد ، إنها ابنة أخي و أنا المسؤول عن رعايتها من الآن فصاعدا . مسألة وقت و تعتاد على بيتنا " 
و يبدو أن هذا الوقت لن ينتهي ... 
مرت عدة أيام و الصغيرة على هذه الحال ، و إن تحسنت بعض الشيء و صارت تلعب مع دانه و سامر بمرح نوعا ما 
كانت أمي غاية في الصبر معها ، كنت أراقبها و هي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم ! 
مع الأيام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، و لم تعد تستيقظ بصراخ و كان على وليد ( الرجل القوي ) أن ينقل سرير هذه المخلوقة إلى غرفة الطفلين ! 
بعد أنا نامت بهدوء ، حملتها أمي إلى سريرها في موضعه الجديد . كان أخواي قد خلدا للنوم منذ ساعة أو يزيد . 
أودعت الطفلة سريرها بهدوء . 
تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت رغد فيما لو نهضت و بدأت بالصراخ 
قلت : 
" لا داعي يا أمي ! فصوت هذه المخلوقة يخترق الجدران ! أبقه مغلقا ! " 
ابتسمت والدتي براحة ، و قبلتني و قالت : 
" هيا إلى فراشك يا وليد البطل ! تصبح على خير " 
كم أحب سماع المدح الجميل من أمي ! 
إنني أصبحت بطلا في نظرها ! هذا شيء رائع ... رائع جدا ! 
و نمت بسرعة قرير العين مرتاح البال . 
الشيء الذي أنهضني و أقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا 
إنه بكاء رغد ! 
حاولت تجاهله لكن دون جدوى ! 
يا لهذه الـ رغد ... ! متى تسكتيها يا أمي !