مشاهدة النسخة كاملة : *&(الأخلاق والحضارة)*&


ذوق
08-30-05, 03:21 AM
لأخلاق أساس كل دين وحضارة، وأي أمة أرادت أن تقيم لنفسها حضارة فلابد أن تحفر لها أساسا بعيدا غوره، متينا بناؤه، من الأخلاق الحميدة تقوم عليه، هذه الأخلاق يجب أن تكون في كل فرد من هذه الأمة، لأنها منهم تتكون وبهم تقوم، فلا بد أن يكونوا مؤهلين للقيام بدورهم في بناء هذه الحضارة ولا بد أن يتسلحوا بالأخلاق التي تعلي من شأنهم أمام باقي الأمم. وتعطيهم من الهيبة ما يجعل الآخرين ينظرون لهم على أنهم أمة واحدة عزيزة الجانب بعيدة المنال.



وخلال تاريخ وجود الانسان على ظهر هذه الأرض من البداية إلى اليوم قامت حضارات وانتهت وقامت أخرى وولت والأمر كذلك حتى الأن ولكن المشكلة أن الناس لا يفكرون أو لا يهمم التفكير كيف قامت هذه الحضارات كلها وكيف اندثرت وما هي الأسباب التي جعلتها تنتهي وتزول؟ قد يقوم الباحثون بهذا وهم قائمون بالفعل ولكنهم يبحثون ليمجدوا عظمة الانسان وما قام به من أعمال وما شيد من بناء، وما سُخّر له من الموارد الطبيعية والبشرية وغذا طيعا له، يستخدمه في أي ما شاء وكأنه وجد في هذا العالم على حين غفلة من الزمن وقهر كل العوامل التي اعترضته حتى صار في نظرهم سيدا لهذا الكون، يجب أن ينحني الكل له وينفذ رغباته. أتراهم نسوا أن الانسان أصله من هذه الأرض وأنها مهده الأول وفيها ترعرع ونما وأصبح رجلا، ألا يفكرون كيف حدث هذا ؟ ولماذا وجدوا على هذه الأرض ؟ وما هو السبب ؟ أكان وجودهم عبثا ؟ هل له معنى وما هو ؟.

هذه الأسئلة لا يفكر فيها أحد ولا يبحث للإجابة عنها كأنها لا تخطر لهم على بال ولم يقفوا أمامها يوما ؟ ألم يكن لهؤلاء الباحثين المنقبين عن ثراث الأقدمين أن يفكروا وهم يبحثون عن تلك الآثار وكم مر عليها من السنين ؟ في الإجابة عن تلك الأسئلة ويحاولوا أن يجدوا لها تفسيرا ؟ أما كان هذا أولى بهم خير من أن يظلوا يبحثون ويستخرجون الكنوز والآثار؟ ويجعلونها في المتاحف ليراها الزوار من السياح ويتفرجوا عليها ويلتقطوا لها الصور ليطلع عليها الناس في صدور المجلات، وتصبح وسيلة من وسائل در الأموال وتوسيع الدخل القومي ولا شيئ غير ذلك، وتكون النتيجة أن يبقى الحال على ما هو عليه، وعلى ما كان من قبل، لأننا لم نتعظ مما سبق وتابعنا السيرة نفسها فستكون النتيجة حتما كذلك، يصيبنا ما أصاب من قبلنا.

إن التاريخ يعيد نفسه كما يقولون، والانسان في عصرنا هو الانسان في العصر الأول ما قبل التاريخ، ما عدا النقص في تركيبة جسمه فكما هو معلوم أنه لم يزل ينقص منذ ذلك الوقت إلى اليوم والاختلاف في الفكر العلم والوسائل المادية الأخرى التي تتطور بتطور فكره وترقيه في المعرفة بما يحيط به، أما ما سوى ذلك فهو نفسه، لم يتغير ولم يتبدل، أما مقولة أن الانسان كان يتطور منذ الأزل حتى وصل إلى صفته الحالية فهي مقولة عفا عليها الزمن. ولا يقول بها إلا مخبول وقد تبرأ منها حتى اصحابها في بلادهم بعدما كشف لهم بحثهم المتواصل زيفها وقصورها، ولكنها مع ذلك ما زالت منتشرة في أوساط الكثيرين وهم يتشدقون بها بين الحين والآخر. وكأن أهلها اكتفوا منها وصدروها لنا ليلهونا بها زمنا شأنها شأن الكثير من الدعوات التافهة.

إن الانسان هو هو كما كان في نفسيته، ورغبته ، وطموحه ومادام هو كذلك، فإن ما وقع ويقع له اليوم، هو ما وقع في القدم، وإن كان هناك اختلاف في الشكل، حسب اختلاف العصر والزمان نظرا لما طرأ على فكره من تطور وتغيير، وما دام ذلك كذلك فإن على الإنسانية جميعا أن تبحث في الأسباب التي جعلت كل تلك الحضارات الشامخة تسقط وتتلاشى، حتى تحاول أن تتفادى ما وقع لتلك الأمم فلا يقع لها مرة أخرى.

وعند النظر في أسباب سقوط الحضارات تظهر لنا دائما الأسباب السياسية والعسكرية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية.
وندع الحديث عن الاساب الأولى لنتحدث عن تاليها وإن كانت الاولى مهمة وأساسية أيضا لأن الأخلاق وإن كانت أساسا قائما بذاته فإن لها ارتباطا قويا بالأسس كلها.

إن مقومات حياة الانسان الحسية أو المادية منذ أول عهده بأول بهذه الأرض التي لا غنى له عنها، هي تحركه في طلب عيشه والبحث عن طعامه الذي به قوام جسده وتدفعه غريزته الفطرية للبحث عن امرأة تشركه في حمل أعباء الحياة ويطلب منها ذرية يربيانها لتعينهما عندما تكبر وتعطف عليها في شيخوختهما كما فعلا معها في طفولتها. ويبحث عن مسكن يأويه هو وأسرته كذلك ويحرس على أن يكون عيشه في مكان يأمن فيه على نفسه وأهله وممتلكاته، ويبحث عن عمل شريف يعيل منه نفسه وأسرته، هذه هي المقومات الأساسية والضرورية لحياة أي إنسان. وهو يسعى في كل زمان ومكان لتأمينها.

ومع ازدياد أعداد الناس على الأرض، تعارفوا على أنظمة وقوانين وحكومات وبعد ذلك قامت دول وحضارات وكل ذلك من أجل حماية الانسان وتوفير متطلبات حياته ولكن الذي يحدث دائما أن الانسان لا يكتفي بنصيبه ويريد أن يضم إليه نصيب غيره. وذلك لطبع الشراهة في نفسه وهذا ما يسبب العداوة ويجعل الحياة غير مستقرة.

إن الله تعالى لما خلق الخلق قسم لهم أرزاقهم قبل أن يخرجوا لهذه الحياة، وخبأ للناس في الأرض ما يكفيهم إلى آخر نفس تلفظه هذه الدنيا وكلما ظن البشر أنه أشرفوا على الهلاك. وأن موارد الحياة بين أيديهم قد نضبت إذا بهم يقفون على موارد أخرى لم يعرفوها ولم يكونوا يحلمون بها ولكن الأثرة وحب الذات عند الانسان هي التي تجعله يحتكر كل شيء لنفسه ويحتفظ به لوحده وكأنه ما وجد إلا له. وأن غيره لا حق لهم في شيء. فكلما زاد الخير زاد نهمه في جمعه والاستئثار به، لا الإيثار به. فماذا يفعل الآخرون ؟ ماذا يفعل الانسان إذا جاع ولم يجد ما يأكله ؟ ماذا يفعل إذا تشرد هو وأسرته ولم يجدوا لهم مأوى ؟ ماذا تفعل المرأة إذا لم تجد من يعولها ؟ ماذا يفعل الشباب إذا ظلوا عاطلين ولم يجدوا عملا يشتغلون فيه ؟ هذه الأسئلة وغيرها جوابها معلوم. ويكفي أن تلقي نظرك على المجتمعات لترى ذلك بأم عينيك.

هذه هي أبرز أسباب سقوط الإنسانية وحضاراتها على مر العصور حتى اليوم عندما ينظر الانسان إلى غيره من البشر وكأنهم لا شيء أمامه وأنهم وما يمكلون من حقه وتحت تصرفه، وحينما تنظر أمة لباقي الأمم الأخرى وكأنهم عبيد يركعون تحت أقدامهما ويخضعون لحكمها وأنها السيد المطاع صاحب السطوة والجاه الذي لا يرد له أمر ولا يرفض له طلب، فهذا هو المؤشر الأول لسقوطها وزوالها ورحم الله الإمام العادل والحاكم الفذ عمر ابن الخطاب حين قال لعمرو نائبه على مصر " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارأ " ؟!! جاءت عفوية على لسانه لم يحضر لها ندوة ولم يقم لها مؤتمرا بل طبقها واقعا قبل أن يتلفظ بها ناطقا في حين أصبحت اليوم مسطرة في المواثيق الدولية، ولا تكاد نرى لها أثرا في حياتنا الواقعية.

بحرينيه قويه
08-30-05, 05:56 PM
والله الصراحه تسلم على المواضيع الشيقه والى متعوب علشانه تسلم يا ضوييق.....
مع تحياتى بحرينيه

ذوق
08-30-05, 09:58 PM
يعطيك العافيه اختي بحرينيه
لمرورك الجميل وردك الاجمل
تقبلي خالص تحياتي