منتديات لمني بشوق

منتديات لمني بشوق (https://vb.lmni-bshog.com/index.php)
-   (✿) تَرَاتِيْل الْرُّوْح (https://vb.lmni-bshog.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   على جدارِ الذِّكريات (https://vb.lmni-bshog.com/showthread.php?t=10812)

وطن 08-31-08 07:39 PM

على جدارِ الذِّكريات
 
متَّكئاً على جدارِ الذِّكريات ،
يرقُب تِلك العهود كيفَ تُورِق على جنباتِ روحِه الهرِمة !
ثمَّ يتذكَّر أنَّه لَم يُعتَق بعد ،
فيتفَّشى بروحِه دخَّانٌ مُريب ..
يخشَى أنْ يُباع هذا المساء لغريب !
بائسٌ هو للقَدر الذي يجعله يتوجَّس مِنَ الأبواب المفتوحة ..
يخشى أنَّه نسيَ كيْفَ يدخلونَها مِنْ فرطِ الأبواب المُقفلة التِّي كانَت تصفعه طوالَ الحياة !
قطعَ شوطاً يَبْحثُ عَن طريقٍ بلا أشْواك ..
و حينَ وجدَ الطَّريق تذكَّر أنَّ الأشْواكَ لَم تترُك له قدَماً !
.
يحمِل فوقَ رأسِه قصَّته ،
و تأبى الطَّير أنْ تأكل مِنْها خيفةَ أنْ تحلَّ بِها لعنةُ الحُزن !
يقولونَ أنَّه كائنٌ قديم ..
و يُقسِم أنَّ في جوفِه قلباً لا يضخُّ الدِّماء ، بَلْ دموعاً .. تُسفَح بصمتٍ هادِر !
و لا يصدِّقونه !
يكرِّر عليهم أنَّه لا يرى في هذا الكَوْن غيرَ كسرة حُلم كانا يتقاسمانِها حين يحلِّ القَحط ..
و أنَّها ما زالَت تقيم عودَه ، و يشمُّ رائحتَها كلَّ ما مرَّ بسور المَقبرة !
فينصرِفونَ عنه ،
ليسامِحهم كما جرتِ العادَة ..
فلا عتَب عمَّن رُفِع عَنْه الألَم !
.
.
وحَده ليلُه مَنْ كان ينصِتُ إلى نشيجِه حينَ يعلُو ، ..
يشيرُ إلى كلِّ تِلْك النُّتوء .. و التَّجاعيد التِّي تملأ وجهه و يدَيه ،
يناجِي منْ خصاصِ العَتمة صَبْرَه :
إنَّها ليْسَت آثار الأيَّام ،
إنَّها خرائِط تِلْك الطُّرقِ التِّي قطعناها سويَّةً ،
إنَّها وصاياهُ الأخيرة !
إنَّها أشياؤه التِّي لا تُنسى !
رجعُ الصَّدى يزفُّ إليهِ خيبَة أنَّ صبره أخيراً التَحَق بركْبِ أولئك الذين تخلَّوا عنْه !
فيزرَعُ عيناه في كفِّه ، يشتمُّهما ..
ينكفيء على صمتِه بعَد أنْ يودِع كلَّ الكلام الرِّياح !
.


الساعة الآن 05:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظه لمنتديات لمني بشوق